فقدانُ حُلم.. الشاعر الراحل “خاي زي” في مرآةِ صديقهِ الشاعر “شي تشوان”

فقدانُ حُلم.. الشاعر الراحل “خاي زي”
في مرآةِ صديقهِ  الشاعر “شي تشوان”
ترجمة وإعداد: يارا المصري
موتي ليس من شأن أحد
“اسمي تشا خاي شينغ، أعملُ مدرساً في جامعةِ الصين للسياسة والقانون، موتي ليس من شأن أحد”.. هذه العبارات الثلاث القصيرة، هي رسالة الشاعر الصيني الشاب “خاي زي” التي تركها قبل انتحاره في سن الخامسة والعشرين، بإلقاء نفسه أمام قطار منطقة “شان خان قوان” في السادس والعشرين من شهر مارس من عام 1989. ذلك الشاعر الذي يُعتبر موته “من ألغاز هذا العصر”، كما قال صديقه المقرب الشاعر “شي تشوان”، في مقالٍ كتبه عام 1990 بعنوان “الاشتياقُ والحنين” ينعى فيه “خاي زي”، بادئاً بمقطعٍ من إحدى قصائد صديقه الراحل، تحملُ عنوانَ “ملك الأرض”:
كانت الجثةُ هي بدايةَ الأرضِ من جديد
لم تكن الجثةُ غاضبةً أو مريضة
بل كانت تحملُ إرهاقاً، كآبةً، وموهبة.
يقول “شي تشوان”: (كلما مرَّت الأيامُ والسنوات، سوف ندركُ بوضوح أننا في مغرب اليوم السادس والعشرين من شهر مارس عام 1989، فقدنا صديقاً حقيقياً، وفقدانُ الصديقِ الحقيقي يعني فقدانَ روحٍ عظيمة، يعني فقدانَ حلم، فقدانَ جزءٍ من حياتنا، فقدانَ صدى، وبالنسبةِ لنا، كان خاي زي شخصاً موهوباً، أما بالنسبةِ لنفسه، فقد كان يرى دائماً أنه “ملك الوحدة”، كان “حبيباً مؤقتاً للمادة”، و”مثقفاً ريفياً”).
البرونز الآسيوي
كانت بدايةُ تعارفِ الصديقين الشاعرين الحي والمنتحر في عام 1983، حينما ذهب “خاي زي” إلى مكتب صحيفة الجامعة، حاملاً معه قصيدته “البرونز الآسيوي”، وهي القصيدة التي كانت سبباً في شهرته.. يقول شي تشوان: (وقد تعارفنا في ربيع عام 1983، أذكر أن ذلك كان في مكتب لجنة الشباب التابعة للحزب في جامعة بكين. جاء “خاي زي” بقامته القصيرة، ووجهه المستدير، وعينيه الواسعتين، هيئته تشبه الأطفال.. أطلق لحيته فيما بعد..، كان عمره حينذاك تسعةَ عشرَ عاماً وعلى وشك التخرج من الجامعة. ولا أتذكر تحديداً حوارنا ذلك اليوم، ولكني أذكر أنه عندما ذَكَرَ هيجل، شَعُرت ناحيته بإعجابٍ شديد. وقد بدأ كتابة الشعر على الأرجح في السنة الثالثة من المرحلة الجامعية”. وكانت قصيدة “البرونز الآسيوي” أول ما نُشِرَ من إبداعه)..
أيها البرونز الآسيوي، أيها البرونز الآسيوي
لقد توفي جدي هنا، وتوفي أبي هنا، وسأموت أنا هنا أيضاً
أنتِ الأرضُ الوحيدةُ التي يمكن أن نُدفن فيها
أيها البرونز الآسيوي، أيها البرونز الآسيوي
الطيورُ هي التي تحب الشكَّ والطيران، البحرُ هو ما يُغرقُ كلَّ شيء
سيدُك هو العشبُ الأخضر، يلتف حول خصرك النحيل، يحمي كفوفَ الورودِ البريةِ والأسرار
أيها البرونز الآسيوي، أيها البرونز الآسيوي
هل ترى؟ هاتان الحمامتان البيضاوان، هما حذاءُ تشو يوان الأبيض الذي تركه على الشاطئ الرملي
دعونا ـ نحن والنهر، نعبره سوية
أيها البرونز الآسيوي، أيها البرونز الآسيوي
بعد قرعِ الطبول، سنعطي دقاتِ قلوبنا التي تخفقُ في العتمةِ اسمَ القمر
والجزءُ الأكبرُ من هذا القمر مُكوَّنٌ منك.
2 مليون كلمة في سبع سنوات
عاش “خاي زي” خمسةً وعشرين عاماً، منهم سبع سنواتٍ كتب خلالها بشكلٍ متواصل، ليترك إرثاً شعرياً يقدره الصينييون بحوالي 2 مليون كلمة. وقد كان أصدقاؤه يرونه شاعراً موهوباً للغاية، وشخصاً مُرهفَ الإحساس، يذكر “شي تشوان” في مقاله:
(بعد وفاة “خاي زي”، أَطلق “يي خي” عليه لقب “الطفل الرضيع”، وقد كان مُحقاً في إعطائه ذلك اللقب، ذلك لأننا اكتشفنا عبر تلك القصائد التي كانت في معظمها تحمل سيرةً ذاتيةً له، شخصاً أصفه بهذا الشكل: نقياً، حساساً، مبدعاً، ضَجِراً في الوقت ذاته، يمكن أن يُجرَحَ بسهولة، مُغرماً بالأرض المقفرة، وكلُّ ما يكترث له وما يؤمن به إيماناً صادقاً هو تلك الأشياء الرفيعة المنزلة الساطعة ببريقٍ ذهبي، والتي في طريقها إلى الزوال والتي بالتأكيد سوف تظل خالدة. ذلك الاهتمام والإيمان الصادق هو ما عمل على إنجاحِ مسيرته الإبداعية، على الرغم من أنها لم تكتملْ إلى النهاية. وقد اختارنا لنكملها بدلاً عنه).
وكما ذكرتُ سابقاً، كان “خاي زي” شخصاً وحيداً، قانعاً بالقليل، عاشقاً للقراءة، شأنه شأن أي شخص اتخذ من الإبداع مساراً له في محاولةٍ للخلاص مما تحمله النفس من شحناتٍ لا تقوى على البقاء داخلها.
بيتٌ نظيفٌ كأنه قبر
يصف “شي تشوان” المرةَ الأخيرةَ التي دخل فيها مسكنَ صديقه “خاي زي”، ويقول إنَّ المسكنَ كان نظيفاً، وكأنه قبر!.. (وفي المرةِ الأخيرةِ التي دخلت فيها مسكنه في “تشانغ بيينغ” لجمع حاجياته، كان بإمكاني سماعَ ضرباتِ قلبي. فقد كان صاحب المكان غيرَ موجود، إلا أنَّ الغرفتين تحملان بصماته في كلِّ زاوية. كانت الغرفة جهة اليسار تحتوي فراشاً على الأرضِ أسفل النافذة، وأعلى الطاولة المستندة على الحائط جهة الجنوب وضع تذكارين حجريين أحضرهما من التبت، وألبوم لوحات الرسام اليوناني إل غريكو. أما الغرفة التي تقع جهة اليمين، فقد كانت تحوي أربعة رفوف كتب ضخمة، وطاولتين، على إحداهما كتاب “ملحمة الرمايانا” وهي من الكتب المفضلة لدى الشاعر، وكان جلياً، أنه رتب المكان قبل رحيله، فقد كان نظيفاً، وكأنه قبر).
(“يمكنك أن تهزأ من ثراءِ ملك، لا يمكنك أن تهزأ من فقرِ شاعر”. وبالمقارنة مع الشاعر الأسباني “خوان رامو خيمينيث” الذي حَلُمَ بالجنة، ووجد له مساحةً خاصةً في الحياة، لم يستطع “خاي زي” الحصول على تلك المساحةِ الخاصةِ بالسعادة. أو ربما كان السبب هو انحيازه. فلم تكن لتجد تلفزيون، أو راديو، أو حتى مسجلاً في منزله، فقد كان خاي زي يكتب في ظروفِ وحدته، ورتابةِ حياته وفقره، ولم يكن يجيد الرقص، ولا السباحة، ولا حتى ركوب الدراجات. وخلال السنوات التي تلت تخرجه من الجامعة، لم يشاهد سوى فيلم واحد. كان ذلك في صيف عام 1986، كنت ذاهباً إلى “تشانغ بينغ” لزيارته، واصطحبته لمشاهدة فيلم مقتبس عن رواية ديستوفسكي “الأبله”، وفيما عدا رحلتين إلى التبت وإلقاء المحاضرات، كان روتين يومه يسير بهذا الشكل: يبدأ الكتابة في المساء حتى الساعة السابعة صباح اليوم التالي، وينام طوال النهار، وبعد الظهر يقرأ قليلاً أو يتناول بعض الطعام. ومن بعد الساعة السابعة مساءً يعاود الكتابة مرة أخرى. ومع ذلك لم يكن “خاي زي” شخصاً انطوائياً، ففي بعض الأحيان كان يمكنه أن يحكي لك بسرور كيف كان يسرق الأرز البري أثناء صغره ويتناوله عارياً في يوم ماطر، أو يخترع شعارات غريبة).
الأم تحفظ كلَّ ما كتب الابن
وكما كان “خاي زي” موهوباً في كتابة الشعر، كان معلماً قديراً كذلك.. يقول صديقه “شي تشوان”: (بعد توزيعه للعمل في جامعة الصين للسياسة والقانون، عمل أولاً في صحيفة الجامعة، ثم حول إلى قسم الفلسفة، وكان يعطي للطلبة محاضرات في السبرانية ونظرية الأنظمة، وعلم الجمال. وكانت محاضرات علم الجمال تلقى إقبالاً هائلاً. وكان الطلبة يعلمون أنه شاعر، ولذلك كان يطلبون منه تخصيص عشر دقائق في نهاية كل محاضرة وإلقاء شعره).
ولعلَّ أكثرَ قصائدهِ المشهورة، والتي ما أن يُذكر اسمه أمام الصينيين حتى يذكرون لك على الفور عنوان القصيدة، والتي ألقتها والدته التي تعرف الكتابة والقراءة جيداً، بجانب قصيدة أخرى في فيلم وثائقي عن الشاعر تخليداً لذكراه، وأنها كما قالت “أحبت وتحفظ كلَّ ما كتب على الرغم من أنها لا تفهم معناه”. تلك القصيدة هي.. “في مواجهة البحر، وتفتح الأزهار الربيعية الدافئة“:
من اليوم، سأكونُ إنساناً سعيداً
أُطعمُ الأحصنة، أقطعُ الأخشاب، أجولُ العالم
من اليوم، سأهتمُ بالحبوبِ والخضراوات
لدي منزل، في مواجهةِ البحر، تتفتحُ عنده الأزهارُ الربيعيةُ الدافئة
من اليوم، سأراسلُ كلَّ أحبابي
وأخبرهم عن سعادتي
وما أنبأتني به تلك السعادةُ الخاطفة
سأنقله لهم
سأعطي اسماً دافئاً لكلِّ نهرٍ وكلِّ جبل
أيها الغريب، أَدعو لكَ بالخيرِ أيضاً
أتمنى لكَ مستقبلاً مشرقاً
أتمنى أن يكون حبيبك عائلةً لكَ في النهاية
أتمنى أن تنالَ السعادةَ في الدنيا
أما أنا أتمنى فقط أن أكون في مواجهةِ البحر، مع تفتحِ الأزهارِ الربيعيةِ الدافئة.
اختارته الأرضُ ليصبح صوتَها
أخيراً، يقول “شي تشوان”: (يمكن لأي شخص كان قريباً منه، أو قرأ شعره، أن يشعر بتغير الفصول الأربعة، واتجاه هبوب الرياح، ونمو القمح. إشراقة وعتمة الأرض، الدفء والمعاناة، ذلك ما شكَّل جوهرَ حياته، وشكَّل تبعاً لذلك لغةً شاعرية فريدة، موجزة، سلسلة، رنانة قوية، وكأن الأرض الصامتة حين أرادت أن تخرج عن صمتها، أمسكت به، واختارته ليصبح صوتها).
وكانت تلك نهاية المقال الذي نعى فيه “شي تشوان” صديقه الراحل،.. (الذي كان في آخر سنين عمره كوكبة ساطعة شابة، تتقد في سباق مع الزمن، إلى أن انفجرت فجأة).
ذلك هو “خاي زي” الشاعر الريفي المثقف الذي ولد عام 1964، وترك عالمنا قبل أوان رحيله، وكان من أصغر الشعراء المؤثرين سنَّاً، في تاريخ الأدب الجديد في ثمانينات القرن العشرين بالصين، والذي ترك إرثاً شعرياً فريداً، أضع بين أيديكم بعضاً من قصائده احتفاءً به وتكريماً له، لنتشارك معاً جزءاً بسيطاً من ميراثٍ إبداعيٍّ غزيرٍ متدفق، من حضارةِ الصين التي لم نسبر بعد غورها إلى الآن، وآملةً كمترجمة عن اللغة الصينية، أن أنجز مشروعَ حلمٍ تجاه الشاعر “خاي زي” بترجمة أعماله الشعرية الكاملة.
هوامش:
مقال شي تشوان “الاشتياق والحنين” على هذا الرابط: http://www.haiziguju.com/index.asp
الفقرات بين القوسين (ـ) من مقال شي تشوان عن صديقه خاي زي.
خاي زي.. قصائد  
على البحر
كلُّ الأيامِ هي الأيامُ على البحر
ذلك الصيادُ المُعدم
يشبه جسده المتورمُ حبلاً ثقيلاً
يُبَسَطُ أعلى الموجة
راغباً في الإمساكِ بالبعيد
ذلك الشيءُ اللامعُ الوضَّاء
في الواقع ما هو إلا ابتسامةُ الشمسِ الزائفة
وكان كلُّ ما يمتلكه بعضاً من الألواح الخشبية التي ستتعفن:
منزلٌ، قاربٌ وتابوت
كانت مجموعاتُ الأسماكِ تسبح
بلا نهاية
ولا يوجد سوى مقولةٍ تتعلقُ بالشباب
أنه يتهاوى من أولِ صدمة.
أغلقوا الأبواب
أغلقوا الأبواب
يا متسولي الشِّعر
أحد جيوبكم القماشية
مليئةٌ ببقايا طعامِ الابنة
التي تجلسُ تحت الشجرة
وتغسلُ جواربَ قذرةً لعدةِ أجيال
أنا هي تلك الابنة
ابنةُ الفلاح
ابنةُ الفلاح الصيني
ابنةُ الفلاح البولندي
أغسلُ جواربَ عدةِ أجيال
في انتظارِ ذوبانِ الثلج
من بين الناس جميعاً
لا يوجد بليدٌ سواي
ولا يوجد غيري طيبُ القلب
كنت آلفُ الخشبَ بجانبي
والقرميد  
والزيجاتِ الصادقةَ المتعاقبةَ جيلاً بعد جيل.
الغناءُ أم البكاء
دفنتُ صرتي أسفلَ شجرةٍ مثمرة
وكنتُ أغني في الإصطبل
كنتُ أغني
أيها القريبُ على فراشِ المرض
أغني من أجلك فقط
كنتَ تجلسُ على المشَّاية
كأنك حَملٌ يتأملُ حَملاً آخر
يجر ذيله
تقول إنكَ وحيد
شعورُ وحدةٍ داهمكَ يُشبه
المذنبَ الذي لمع فوق آنهوي
منذُ قديمِ قديمِ الأزل
كنتَ تبكي في الليل
تبكي كقطعةِ خشب
كأرضٍ تُطلقُ عطراً فواحاً.
قال موزارت في “القداس الجنائزي”
يا كلَّ النساءِ اللواتي رأيتهن
يا نساءَ البحر
من فضلكن تعالين إلى حقلِ القمح
ونظِّفْنَ عظامي جيداً
تلك العظامُ التي تشبه باقةَ زهورِ قصب
ثم ضَعِنَّها في صندوق الكمان وعُدْنَ بها
يا كلَّ مَن رأيتهن
من نساءٍ طاهراتٍ، يا نساء
النهر
من فضلكن مُدَّنَ أيديكن إلى حقل القمح
عندما أكونُ يائساً
جالساً على حزمةِ قمحٍ عائداً إلى المنزل
من فضلكن رَتِّبْنَ عظامي المبعثرةَ تلك
و ضَعِنَّها في ذلك التابوتِ الأحمرِ القاتم الصغير، وعُدْنَ به
كأنكن تَعُدْنَ بجهازِ العروس الممتلئ.
إلى كافكا
القدمين سجينتا الجوز
السجينُ الذي أوقدَ ناراً في الشتاء
كان بلا شكٍّ يحتاجُ إلى الدفء
هذا لهبُ النارِ الحميمِ كالأم
وعندما أوقعته العشراتُ من أكوازِ الذرةِ خلفه
على الأرض، كان ذلك وبلا شك
حقلَ فلاحٍ غني
عندما أراد الوصولَ إلى السماء
أحرقته الشمسُ تماماً
هذه الشمسُ تتطلعُ إلى الأسفل، وهذه الأصفادُ تلمع
وبلا شكٍّ كانت قدماك، تشبه جوزة
مدفونةً في حديدِ وصُلبِ مسقطِ رأسِك
مدفونةً في حديدِ وصُلبِ المهندس.
إلى هانز كريستيان أندرسن
1
دعنا نقطعُ غصنَ شجرةٍ ونصنعُ سريراً خشبياً
عينا بجعتين مُضيئتين
وصخرةٌ مناسبةٌ لوضعِ البيض
دعنا نقطعُ غصنَ شجرةٍ ونصنعُ سريراً خشبياً
أعلى سريري يوجد زوجُ بجعٍ سعيد
بجعةٌ تضعُ البيضَ على عجلٍ، والأخرى تموتُ بسرعة
2
سقطت عينا البجعةِ على الكأس
كهبوطِ الشمسِ والقمرِ على الأرض.
شي تشوان
شاعر صيني معاصر. ولد عام 1963 في مقاطعة جيانغسو. تخرج من جامعة بكين قسم اللغة اللغة الإنجليزية عام 1985. باحث زائر في جامعة آيوا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002. ويعمل الآن أستاذاً في كلية العلوم الإنسانية التابعة للأكاديمية المركزية للفنون الجميلة. ويعتبر واحداً من أهم الشعراء في الصين، وقد أولى اهتماماً خاصاً لحركة الشعر للشباب منذ الثمانينات، وعُرف “شي تشوان” و”خاي زي” و”لوه خي يي” بـ “أعظم ثلاثة شعراء في جامعة بكين”.


نشر الموضوع في جريدة القاهرة.  

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.