ثمة طفلٌ في السماء
قصائد للشاعر الصيني مينغ لانغ (MengLang)
ترجمتها عن الصينية: يارا المصري
ولد مينغ لانغ عام 1961 في شانغهاي. وهو شاعر، كاتب، ومحرر، وأحد الشخصيات المؤثرة في العديد من الحركات الشعرية الصينية، كما يعد أحد أهم الشعراء الصينيين. توفي الشاعر الثاني عشر من ديسمبر عام 2018 بعد صراع مع سرطان الرئة.
الضائعُ العظيم
الضائعُ العظيم، يصنع طريقه
التائهون هم جميع الناس، لا يُحْصَونَ عدداً
الضائعُ العظيم، يفرُّ من بينهم
وما أن خطا الخطوةَ الأولى حتى ضاع أثرُه
كان يبدو ضائعاً بمفرده
إلا أنه يجعل من خرائط وإشارات طرق العالم تائهة
الضائعُ العظيم، يختار الطريق
التي يرغب في انبثاقِها تحت قدميه
الضائعُ العظيم، اتخذ قراره في النهاية:
أنَّ الرحلةَ هي رحلةُ العودة، أنَّ الرحلةَ هي حتماً رحلةُ العودة
الضائعُ العظيم، يختبرُ طريقَه
آه، الضائعُ المُعذَّبُ، يشقُّ طريقَه.
ثمة طفلٌ في السماء
ثمة طفلٌ في السماء
بلطفٍ
يمسحُ بممحاةٍ الغيمةَ الوحيدةَ في السماء.
ثمة طفلٌ في السماء
وكأنَّه يستلقي على ورقةِ رسمٍ تخصُّه.
ثمة طفلٌ في السماء
يرسمُ بقلمِ رصاصٍ الكثيرَ من الأطفال.
ثمة طفلٌ في السماء
ألمُه، فرحه، زرقتُه، لا حدودَ لها.
ثمة طفلٌ في السماء
عقد العزم كذلك على أن يحرس
نُصبَ الممحاةِ الناقصِ هنا، وغاباتِ أقلامِ الرصاصِ الفتية.
آه، لقد جاءَ المعلِّمون
ثمة طفلٌ في السماء يقبضُ بإحكامٍ على الأبدية:
كلمة خاطئة.
لقاءُ الليل
نحن أيضاً نُلقي بأنفسنا في الليل
أطفأت تنهيدةٌ خافتةٌ لشبابٍ ضائعٍ مصابيحَ المدينة.
هما شابان واقعان في الحب
لا يحملان إلَّا خارطةَ هذا البلد
يبحثان معاً عن أعمدةِ النور على جانبي الطريق
هل ثمة نور؟
حتى نحن لا نرى شيئاً
وأُلقِينا بغتةً في عتمةِ الليل.
شابان ضائعان
شابان واقعان في الحب
بعيدان عن أنوار الطريق
بعيدان عن الطريق
ربما انفصلا أمامَ خارطةِ هذا البلد.
لكن يمكننا أن ندرك
أنهما أحبَّا بعضهما على هذه الخريطة.
أنشودةُ الشيخوخة
لن يعيدني الشِّعرُ إلى سنِّ العشرين
حيث أريدُ أن أصل، أحرق الشباب الجسد
وفي رحلتي، أشيخُ شيئاً فشيئاً
وأصيرُ على مَهلٍ مشهدَ المستقبلِ البعيدِ في قلوبِكم.
أسيرُ بخطىً بطيئةٍ، وأمامي مَن هم أكثرُ قلقاً
ومنَ قطعوا الطريقَ بأيديهم الضخمة
لا تزال الطريقُ حيث أريدُ أن أصلَ بعيدةً
وكان الشِّعرُ دائماً هناك، ينتظرُ اقترابَ شعلةِ النار.
بينكم وبينهم، لا أرى أملاً
حين أتخطاكم وأتخطاهم، أعقدُ العزمَ على الوصول
إلى الغابةِ الضائعة، إلى الغابةِ المحترقة
وفي سنِّ الثلاثين، باغتتني شيخوخةٌ أعنف.
لكنَّ الشِّعرَ لن يعيدني إلى سنِّ العشرين
لكنَّ الشبابَ، حيث أريدُ الوصولَ، يحرقُ الجسد.
الشتاء
يشيرُ الشِّعرُ إلى الشِّعرِ بذاتِه
أرتدي معطفي
أعبرُ هذا الفضاءَ الواسع
وأختفي في هذه المدينة.
ليس ثمة موطئُ قدمٍ
عند التمثالِ البرونزي
يشيرُ الشِّعرُ إلى القلب
جدرانٌ أربعةٌ بيضاء كالثَّلج
تصلحُ هذه الغرفةُ الخاويةُ للمعيشة.
وعلى العكس، بوسعنا أن نعبرَ معاً
نعبرَ معاً الفضاءَ الواسع
نعبرَ معاً هذه المدينة
والشِّعرَ بذاتِه
بوسعنا أن نعيشَ هناك أيضاً
نشعلَ ناراً، ونخلعَ معاطفنا
ونخلعَ حتى لباسنا الداخلي
ونعرِّي أجسادَنا، ونكونُ في مواجهةِ الشِّعر
أو ننصرف عنه.